فصل: فصل: إذا قلنا بوجوب الكفارة عليها فلا تجب عليها حتى يطأها وهي مطاوعة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

وإذا قلنا بوجوب الكفارة عليها فلا تجب عليها حتى يطأها وهي مطاوعة فإن طلقها‏,‏ أو مات أحدهما قبل وطئها أو إكراهها على الوطء فلا كفارة عليها لأنها يمين‏,‏ فلا تجب كفارتها قبل الحنث فيها كسائر الأيمان ولا يجب تقديمها قبل المسيس ككفارات سائر الأيمان‏,‏ ويجوز تقديمها لذلك وعليها تمكين زوجها من وطئها قبل التكفير لأنه حق له عليها فلا يسقط بيمينها‏,‏ ولأنه ليس بظهار وإنما هو تحريم لحلال فلا يثبت تحريما‏,‏ كما لو حرم طعامه وحكي أن ظاهر كلام أبي بكر أنها لا تمكنه قبل التكفير إلحاقا بالرجل وليس ذلك بجيد لأن الرجل الظهار منه صحيح‏,‏ ولا يصح ظهار المرأة ولأن الحل حق الرجل فملك رفعه‏,‏ والحل حق عليها فلا تملك إزالته والله أعلم‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ وإذا ظاهر من زوجته مرارا فلم يكفر‏,‏ فكفارة واحدة هذا ظاهر المذهب سواء كان في مجلس أو مجالس ينوي بذلك التأكيد‏,‏ أو الاستئناف أو أطلق نقله عن أحمد جماعة واختاره أبو بكر وابن حامد‏,‏ والقاضي وروي ذلك عن علي رضي الله عنه وبه قال عطاء وجابر بن زيد وطاوس‏,‏ والشعبي والزهري ومالك‏,‏ وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وهو قول الشافعي القديم ونقل عن أحمد‏,‏ في من حلف أيمانا كثيرة فإن أراد تأكيد اليمين فكفارة واحدة فمفهومه أنه إن نوى الاستئناف فكفارتان وبه قال الثوري‏,‏ والشافعي في الجديد وقال أصحاب الرأي‏:‏ إن كان في مجلس واحد فكفارة واحدة وإن كان في مجالس‏,‏ فكفارات وروي ذلك عن علي وعمرو بن دينار وقتادة لأنه قول يوجب تحريم الزوجة‏,‏ فإذا نوى الاستئناف تعلق بكل مرة حكم حالها كالطلاق ولنا أنه قول لم يؤثر تحريما في الزوجة‏,‏ فلم تجب به كفارة الظهار كاليمين بالله تعالى ولا يخفى أنه لم يؤثر تحريما‏,‏ فإنها قد حرمت بالقول الأول ولم يزد تحريمها ولأنه لفظ يتعلق به كفارة‏,‏ فإذا كرره كفاه واحدة كاليمين بالله تعالى وأما الطلاق فما زاد عن ثلاث‏,‏ لا يثبت له حكم بالإجماع وبهذا ينتقض ما ذكروه وأما الثالثة فإنها تثبت تحريما زائدا‏,‏ وهو التحريم قبل زوج وإصابة بخلاف الظهار الثاني فإنه لا يثبت به تحريم‏,‏ فنظيره ما زاد على الطلقة الثالثة لا يثبت له حكم فكذلك الظهار الثاني فأما إن كفر عن الأول‏,‏ ثم ظاهر لزمته للثاني كفارة بلا خلاف لأن الظهار الثاني مثل الأول‏,‏ فإنه حرم الزوجة المحللة فأوجب الكفارة كالأول بخلاف ما قبل التكفير‏.‏

فصل‏:‏

والنية شرط في صحة الكفارة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏إنما الأعمال بالنيات‏)‏ ولأن العتق يقع متبرعا به‏,‏ وعن كفارة أخرى أو نذر فلم ينصرف إلى هذه الكفارة إلا بنية‏,‏ وصفتها أن ينوي العتق أو الصيام أو الإطعام عن الكفارة‏,‏ فإن زاد الواجبة كان تأكيدا وإلا أجزأت نيته الكفارة وإن نوى وجوبها ولم ينو الكفارة‏,‏ لم يجزئه لأن الوجوب يتنوع عن كفارة ونذر فوجب تمييزه وموضع النية مع التكفير أو قبله بيسير وهذا الذي نص عليه الشافعي‏,‏ وقال به بعض أصحابه وقال بعضهم‏:‏ لا يجزئ حتى يستصحب النية وإن كانت الكفارة صياما اشترط نية الصيام عن الكفارة في كل ليلة لقوله‏:‏ عليه السلام ‏(‏لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل‏)‏ وإن اجتمعت عليه كفارات من جنس واحد لم يجب تعيين سببها وبهذا قال الشافعي‏,‏ وأبو ثور وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه مخالفا فعلى هذا لو كان مظاهرا من أربع نساء‏,‏ فأعتق عبدا عن ظهاره أجزأه عن إحداهن وحلت له واحدة غير معينة لأنه واجب من جنس واحد‏,‏ فأجزأته نية مطلقة كما لو كان عليه صوم يومين من رمضان وقياس المذهب أن يقرع بينهن فتخرج بالقرعة المحللة منهن وهذا قول أبي ثور وقال الشافعي‏:‏ له أن يصرفها إلى أيتهن شاء‏,‏ فتحل وهذا يفضي إلى أنه يتخير بين كون هذه المرأة محللة له أو محرمة عليه وإن كان الظهار من ثلاث نسوة فأعتق عبدا عن إحداهن‏,‏ ثم صام شهرين متتابعين عن أخرى ثم مرض فأطعم ستين مسكينا عن أخرى‏,‏ أجزأه وحل له الجميع من غير قرعة ولا تعيين وبهذا قال الشافعي‏,‏ وأصحاب الرأي وقال أبو ثور‏:‏ يقرع بينهن فمن تقع لها القرعة فالعتق لها‏,‏ ثم يقرع بين الباقيتين فمن تقع لها القرعة فالصيام لها والإطعام عن الثالثة لأن كل واحدة من هذه الخصال لو انفردت‏,‏ احتاجت إلى قرعة فكذلك إذا اجتمعت ولنا أن التكفير قد حصل عن الثلاث وزالت حرمة الظهار‏,‏ فلم يحتج إلى قرعة كما لو أعتق ثلاثة أعبد عن ظهارهن دفعة واحدة فأما إن كانت الكفارة من أجناس كظهار وقتل‏,‏ وجماع في رمضان ويمين فقال أبو الخطاب‏:‏ لا يفتقر إلى تعيين السبب وهذا مذهب الشافعي لأنها عبادة واجبة‏,‏ فلم تفتقر صحة أدائها إلى تعيين سببها كما لو كانت من جنس واحد وقال القاضي‏:‏ يحتمل أن يشترط تعيين سببها ولا تجزئ نية مطلقة وحكاه أصحاب الشافعي عن أحمد وهو مذهب أبي حنيفة لأنهما عبادتان من جنسين‏,‏ فوجب تعيين النية لهما كما لو وجب عليه صوم من قضاء ونذر فعلى هذا لو كانت عليه كفارة واحدة‏,‏ لا يعلم سببها فكفر كفارة واحدة أجزأه‏,‏ على الوجه الأول قاله أبو بكر وعلى الوجه الثاني ينبغي أن يلزمه التكفير بعدد أسباب الكفارات كل واحدة عن سبب‏,‏ كمن نسي صلاة من يوم لا يعلم عينها فإنه يلزمه خمس صلوات ولو علم أن عليه صوم يوم‏,‏ لا يعلم أمن قضاء هو أو نذر لزمه صوم يومين فإن كان عليه صوم ثلاثة أيام‏,‏ لا يدري أهي من كفارة يمين أو قضاء أو نذر‏,‏ لزمه صوم تسعة أيام كل ثلاثة عن واحدة من الجهات الثلاث‏.‏

فصل‏:‏

وإذا كانت على رجل كفارتان فأعتق عنهما عبدين‏,‏ لم يخل من أربعة أحوال‏:‏ أحدها أن يقول‏:‏ أعتقت هذا عن هذه الكفارة وهذا عن هذه فيجزئه‏,‏ إجماعا الثاني أن يقول‏:‏ أعتقت هذا عن إحدى الكفارتين وهذا عن الأخرى من غير تعيين‏,‏ فينظر فإن كانا من جنس واحد ككفارتي ظهار أو كفارتي قتل‏,‏ أجزأه وإن كانتا من جنسين ككفارة ظهار وكفارة قتل‏,‏ خرج على الوجهين في اشتراط تعيين السبب إن قلنا‏:‏ يشترط لم يجزئه واحد منهما وإن قلنا‏:‏ لا يشترط أجزأه عنهما الثالث أن يقول‏:‏ أعتقتهما عن الكفارتين فإن كانتا من جنس واحد أجزأ عنهما ويقع كل واحد عن كفارة‏,‏ ولأن عرف الشرع والاستعمال إعتاق الرقبة عن الكفارة فإذا أطلق ذلك وجب حمله عليه وإن كانتا من جنسين‏,‏ خرج على الوجهين الرابع - أن يعتق كل واحدة عنهما جميعا فيكون معتقا عن كل واحدة من الكفارتين نصف العبدين فينبني ذلك على أصل آخر‏,‏ وهو إذا أعتق نصف رقبتين عن كفارة هل يجزئه أو لا‏؟‏ فعلى قول الخرقي يجزئه لأن الأشقاص بمنزلة الأشخاص فيما لا يمنع منه العيب اليسير‏,‏ بدليل الزكاة فإن من ملك نصف ثمانين شاة كان بمنزلة من ملك أربعين‏,‏ ولا تلزم الأضحية فإنه يمنع منه العيب اليسير وقال أبو بكر وابن حامد‏:‏ لا يجزئه وهو قول مالك‏,‏ وأبي حنيفة لأن ما أمر بصرفه إلى شخص في الكفارة لم يجز تفريقه على اثنين كالمد في الإطعام ولأصحاب الشافعي كهذين الوجهين‏,‏ ولهم وجه ثالث وهو أنه إن كان باقيهما حرا أجزأ وإلا فلا لأنه متى كان باقيهما حرا‏,‏ حصل تكميل الأحكام والتصرف وخرجه القاضي وجها لنا أيضا إلا أن للمعترض عليه أن يقول‏:‏ إن تكميل الأحكام ما حصل بعتق هذا وإنما حصل بانضمامه إلى عتق النصف الآخر‏,‏ فلم يجزئه فإذا قلنا‏:‏ لا يجزئ عتق النصفين لم يجزئ في هذه المسألة‏:‏ عن شيء من الكفارتين وإن قلنا‏:‏ يجزئ وكانت الكفارتان من جنس أجزأ العتق عنهما وإن كانتا من جنسين فقد قيل‏:‏ يخرج على الوجهين والصحيح أنه يجزئ وجها واحدا لأن عتق النصفين عنهما كعتق عبدين عنهما‏.‏

فصل‏:‏

ولا يجوز تقديم كفارة الظهار قبله لأن الحكم لا يجوز تقديمه على سببه‏,‏ فلو قال لعبده‏:‏ أنت حر الساعة عن ظهاري إن تظاهرت عتق ولم يجزئه عن ظهاره إن ظاهر لأنه قدم الكفارة على سببها المختص فلم يجز كما لو قدم كفارة اليمين عليها‏,‏ أو كفارة القتل على الجرح ولو قال لامرأته‏:‏ إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي لم يجز التكفير قبل دخول الدار لأنه تقديم للكفارة قبل الظهار فإن أعتق عبدا عن ظهاره ثم دخلت الدار عتق العبد‏,‏ وصار مظاهرا ولم يجزئه لأن الظهار معلق على شرط فلا يوجد قبل وجود شرطه وإن قال لعبده‏:‏ إن تظاهرت‏,‏ فأنت حر عن ظهاري ثم قال لامرأته‏:‏ أنت علي كظهر أمي عتق العبد لوجود الشرط وهل يجزئه عن الظهار‏؟‏ فيه وجهان‏:‏ أحدهما - يجزئه لأنه عتق بعد الظهار‏,‏ وقد نوى إعتاقه عن الكفارة والثاني - لا يجزئه لأن عتقه مستحق بسبب آخر وهو الشرط ولأن النية لم توجد عند العتق‏,‏ والنية عند التعليق لا تجزئ لأنه تقديم لها على سببها وإن قال لعبده‏:‏ إن تظاهرت فأنت حر عن ظهاري فالحكم فيه كذلك لأنه تعليق لعتقه على المظاهرة‏.‏